الثلاثاء، مارس 04، 2008

آخرة الدروس الخصوصية

هذه القصة حقيقية وليست من الخيال والأسماء التي ترد بها ليست حقيقية ..
الدروس الخصوصية .. لا يوجد بيت من بيوت بلادي لم يكتوي بنارها أو تستنزف الدروس الخصوصية موارده المالية الضعيفة التي يحصل عليها عائل الأسرة بطلوع الروح .. واسمعوا القصة معايا وها أقولها من البداية ..
على عجل ارتدى الأستاذ إبراهيم ملابسه .. وأصطحب معه شنطته العتيقة وبها ساندويتش لفته له زوجته في ورقة جرنال قديم وودعته : مع السلامة ياأبوسمير .. وما تنساش طلبات العيال اللي قلتلك عليها ..
خرج الأستاذ إبراهيم ترتسم على وجه ابتسامة عريضة وتملأ نفسه ثقة مفرطة .. يسير في زهو يداعب وجه وشعره الذي بدأ يغزوه الشيب نسمات عليلة في هذا الوقت المبكر من اليوم .. ويتسابق مع خطواته حتى يصل مبكرا إلى المدرسة ليمارس أول يوم له كموجه عام .. وقاده حظه النكد إلى هذه المدرسة التي تقع في إحدى قرى محافظة مصرية في الوجه البحري .. وسار الأستاذ إبراهيم وسط حقول البرسيم التي ترسم لوحة أكثر من رائعة من إبداع الخالق سبحانه وتعالى .. وعصفور النيل الدوري يصدح بأشجى الألحان ... دخل الأستاذ إبراهيم المدرسة والجميع أساتذة وعمال وتلاميذ في حالة من الصمت الرهيب كأنّ على رؤسهم الطير .. قال : صباح الخير ... نهره أحد العمال بصوت ممزوج بقلة زوق قائلا : هس البيه الناظر بيتكلم .. واستمع الأستاذ إبراهيم إلى السيد ناظر المدرسة الذى كان يوجه كلامه للتلاميذ تارة وللأساتذة تارة أخرى عن الدروس الخصوصية .. هل كان يحذر منها ؟ هل كان يجرمها ؟ لا .. كان يروج لها ويحث التلاميذ على الإشتراك فيها حتى يرتفع مستواهم العلمي .. قال الأستاذ عبد الشكور : مستواكم العلمي في انحطاط والحل هو الدرو س الخصوصية واللي مش ها يسجل اسمه عند الأساتذة نهار أبوه .... ( أي لون آخر غير الأبيض ) - أسود ممكن - أزرق ممكن - منيل ممكن - وياويله اللي مش ها يدفع في الميعاد .. ودارت الظنون في رأس الأستاذ إبراهيم ماذا سيفعل مع هذا الرجل الذي حول هذه المنظومة التربوية إلى تكية يديرها بهذا الشكل المنظم الدقيق .. كيف يسيطر على الجميع بهذا الشكل تلاميذ وأساتذة بداية من الأستاذ محمود مدرس العربي والدين مرورا بالأستاذ الفونس مدرس الأنجليزي وغيرهم .. وحتى اولياء الأمور الفلاحين الغلابة ..
مشي أمورك يابراهيم يمكن ينولك من الحب جانب .. ولادك كبروا وطلباتهم كتير والمرتب قليل .. أعوذ بالله من الشيطان ازاي تخالف مبادئك وتغضب ربك .. بس الراجل ده باين عليه جبروت وأنا مابحبش المشاكل .. يعني اللي يجي منهم أحسن منهم ..
صباح الخير يا حضرة الناظر .. قالها الأستاذ إبراهيم على تخوف .. أنا إبراهيم فريد الموجه العام .. قال الناظر : اقعد .. انت سمعت اللي قلته في الطابور .. ما تخافش ها تاخد نصيبك .. إبراهيم : ونصيبي دا يطلع كام يعني ؟ .. الناظر : تقريبا 100 جنيه .. إبراهيم : 100 جنيه بس ما ينفعش . الناظر : خلاص بلاش منهم خالص .. إبراهيم : أنا هابلغ الإدارة .. الناظر : بس فيه هدية مش معقول تمشي من عندنا من غير ما تاخدها .. وترقب الأستاذ إبراهيم الهدية .. صاح الناظر بصوت رج اركان الغرفة ياجابر أضرب جرس الفسحة .. وخرج الطلاب من الفصول يصيحون : فسحة فسحة عم خليل الأُزعة .. وبعد برهة أمر الناظر الأساتذة باصطفاف التلاميذ في الطابور على غير العادة ونزل الناظر أرض الطابور فلف المدرسة حالة من الصمت الرهيب مرة أخرى وصاح الناظر : اتفضل ياأستاذ إبراهيم علشان تاخد الهدية .. دخل الأستاذ إبراهيم الطابور وملأه الشك حتى كاد يلامس جلده .. وصاح الناظر: ياجابرأعبط الموجه .. هات الخرزانة ياأستاذ الفونس .. وقام جابر بعبط الأستاذ إبراهيم - والعبط ياسادة يا كرام لمن لم يعرفه هو أن يحتضن شخص قوي شخصا آخر وجها لوجه ويشل حركته - وقام الناظر بضرب الأستاذ إبراهيم بالخرزانة على مؤخرته ضربا مبرحا قائلا : خلي إدارة التعليم تنفعك - وانفجر التلاميذ ضحكا هستيريا على هذا المشهد الدراماتيكي لعلهم لم يروه إلا هذه المرة خلال حياتهم .. وخرج الأستاذ إبراهيم بخفي حنين .. ولسان حاله يلعن الناظر والمدرسة بعدد الخطى التي مشاها إلى المدرسة ...

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

المقال جميل ، لكن مع احترامي العنوان غير مناسب ، كان المفروض يكون: آخرة(جزاء) من يتعقب الدروس الخصوصية !!
أخي الكريم لم تصلني الفكرة ، ولم أعرف أنت وجة نظرك إيه؟ وبما أنك لم تناقش موضوع الدروس الخصوصية بشيء من العمق ، وقلت كلاماً أعتقد أنه كمثل من يتلو نصف الآية فقط " لا تقربوا الصلاة " ولم تكملها ، أظنك تحدثت أن التعليم والمدارس منظومة تربوية ، وطبعاً ما تحدثت عنه صورة غير مقبولة ومرفوضة للمدرسة والمعلم ، لكن المعلم الذي يؤدي دورة بما يرضي الله ولا يمارس أي نوع من الضغط على طلابه وجاءه أحدهم من مدرسته أو خارجها يريد أن يتقوي في مادته فأعطاه درساً خصوصياً ما رأيك بعمله ، خصوصاً إذا كانت دولته المحترمة تعطيه راتباً لا يكفي لأن يطعم أولاده عيش حاف ؟؟!! أرجو أن تناقش هذا الأمر الحساس بشيء من العمق والإنصاف .

صلاح عباس