الأربعاء، أكتوبر 13، 2010

صوت الإوَز ..



كان قلبه موصد أمام الغيد الحسان .. أو أن قلبه ما زال غضا صغيرا لا يعرف معنى الحب من قبل .. ولم يدر يوما أن مجموعة من الحمامات الوديعة والتي يربيها فوق سطح منزله في عشة صنعها بيده ستكون معلمته للحب .. فقد كان يطيل النظر إليها ويحب مراقبتها عن قرب .. بل أنه أنشأ علاقات حميمة مع كثير منها يطعمها بفمه وتقف على كتفه تلتقط الطعام من فمه .. وكان حزنه شديدا عند فقد إحداها .. وأكثر ما عشقه في حماماته مدى الحب بين إناثها وذكورها ، ومدى الترابط الوثيق بينها ، والمثالية في التعاون والاعتناء بعشها وصغارها .. كان يحب مشاهدتها في لقاء هو الأروع لم يحلم برؤيته قبلا وهو مشاهد الغزل والحب بين ذكر الحمام وأنثاه ..  وبدأ قلبه يتراقص ويحلم بحب كحب الحمائم .. وللمرة لأولى بدأ في مراقبة فتاة الإوز كما كان يسميها بعدما كان يغض الطرف إذا ما بدت من قبل وينشد شعر عنترة :

 وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ... حتـى يـواري جارتـي مأواهـا
إني امرؤ سمـح الخليقـة ماجـد ... لا أتبع النفـس اللجـوج هواهـا

وأصبح انتظاره لفتاة الإوز يوميا بشغف ويكاد يجن إن لم يراها .. وهكذا عرف الحب سبيلا لقلبه الغض النقي .. وكان صوت الإوز ينذره بقدومها فقد كانت صيحاته تسبق وقوفها على سور سطح منزلها .. ولهذا كان يسميها فتاة الإوز .. ولكن حدثته نفسه عن سب اهتمامه بها والشغف لرؤيتها يوميا .. ترى أهو الحب ؟ ولم يجب فلم يعرف طعم الحب قبلا ولا يدري بأعراضه .. وزادت نفسه من سؤلها : ولو كنت أحببتها فهل أحبتك ؟ وكيف لي أن أعرف وما السبيل ؟ .. وأنشد شعر أبي فراس :

أقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتي هل تشعرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة الهوى ... ولا خطرت منك الهموم ببال

ولكن هل تسمعه فتاة الإوز وهل تجيبه ؟ وانتظر لعل الله تعالى يحدث بعد ذلك أمرا .. وجاء ما كان يؤرق نومه ويسهده وبه تحدثه نفسه .. وكان يوما مشهودا شاهدته كل حماماته الوديعة .. انطلق صوت الإوز وبدت جارته ولم يعهدها أبدا بهذا الشكل من قبل .. تبتسم وكأن القدر هو من رسم هذه الابتسامة الرقيقة على شفتيها .. بل كان كل وجهها يبتسم ..  ترى ما الأمر؟  واسترق النظر وللمرة الأولى لم يبعد نظره .. والتقت نظراتهما وكأنما التصقت حدقتا عينيها مع حدقتا عينيه .. ما هذه القشعريرة التي تسري في جسده .. أول مرة يسمع دقات قلبه تتلاحق متسارعة كأنها دقات قلب عروس تزف إلى عروسها .. وما أجمل الحب إن كانت هذه عوارضه .. وفي غمرة هذا الانتشاء تبسم فزادت هي من ابتسامتها .. فزادت دقات قلبه وتفصد جبينه عرقا .. وتمتمت شفتاه هل  هل  هل  .. هل ماذا ؟ واختفت تلاحقها أصوات الإوز .. وامسك بإحدى حماماته  وسألها : بالله أخبريني أيتها الوديعة أهذا هو الحب ؟ فسمعها تقول أو هكذا خيل إليه : وماذا غيره ؟ أتحدث حمامة ؟ هل جننت ؟ لعله جنون المحبين .. وأخذت حماماته تطير من حوله كأنها تحتفل بمولد حبه .. وكانت سعادته لا توصف أحس بشعور جديد يسري في كل كيانه .. أحس باستطاعته الطيران كحماماته حتى يلتقي بمحبوبته فوق السحاب بعيدا عن أعين كل الناس .. وانتظرها في يومه التالي ليحتفل معها بمولدهما الجديد الجميل .. وجاءت تسبقها أصوات إوزاتها .. والتقت شفتاهما فابتسما .. وتحولت ابتسامتهما لضحكات لا يسمعها إلا هو وهي فقط .. والتقت عيناهما وتحدثا بعيونهما بكلام تعجز أبيات شعر الحب الحديث به .. وتكررت أحاديث العيون يوما بعد يوم .. كانا يتخاصمان بالعيون .. ويتصالحان بالعيون .. وزاد حبهما ونما وترعرع بين أحضانهما وكأنما خلق الحب من أجلهما فقط  .. كانا يكتبان قصة حب لم تخطها أنامل من قبل .. وانتظرها يوما.. ولكن ما بال  حماماته لم تكن كسابق عهدها حين تراه فقد كانت ساكنة مستكينة .. وأحس بلسعة برد الشتاء وقد كان قبل لا يأبه ببرد ولا شرد .. وجاءت ولكن صوت إوزها ليس بالقوة المعهودة .. ولم تنظر إليه بل كانت ترنو للأفق .. تتجمد نظراتها في مقلتيها ومسحة من الحزن الشديد تغلف وجهها ..  فأوجس قلبه خيفة .. ولم يدر ماذا يفعل .. ونظرت إليه بحزن كأنما تودعه وتكون هذه النظرة الأخيرة .. وتوارت حبيبته عن عينيه وصوت خفيض لإوزاتها يصحبها .. ولابد من أن يسأل فقد يكون ألم بها ألم .. أو لعلها مريضة .. وجاءت الإجابة والتي لم تخطر بباله قط .. إجابة طعنته غدرا وغيلة في قلبه الغض .. فقد خطبت محبوبته ..  ولم يصدق ما سمع .. أهكذا ينتهي الحب ؟ لا لن يكون ذلك .. لن أستسلم .. وانتظرها يوما بعد يوم .. ولكن انقطع صوت الإوز ..

الأربعاء، أكتوبر 06، 2010

تحية لاصحاب صيحة الله أكبر ..




تحية لاصحاب صيحة الله أكبر ..

تحية للمجاهدين الصائمين ..

تحية لاصحاب العبور..

تحية لابطال أكتوبر ..

تحية للرئيس محمد أنور السادات ..