الجمعة، أبريل 04، 2008

أصرع شيطان الإدمان ...

بسم الله الرحمن الرحيم
اسمي محمود حسين .. أتجه الآن إلى أقرب مركز لعلاج الإدمان من المخدرات .. عمري في أول العقد الثالث .. طالب بالصف الثاني بإحدى جامعات مصر العريقة .. اتجهت إلى هذا المركز بعدما أبصرت أمامي شعاع من الأمل به أستعيد آدميتي .. استعيد حياتي .. أستعيد شبابي .. استعيد مستقبلي .. لقد كنت قاب قوسين أو أدنى من الردى والهلاك .. كنت على شفا حافة الضياع .. فقد تبدلت حياتي بعد مقابلة هذا الشيطان الذي وضع قدمي على أول طريق الإدمان .. وبشئ بسيط قد ترونه هينا ولكنه قادني إلى طريق المخدرات .. طريق الندم والخزي والضياع .. أتدرون ما هذا الشئ ؟! إنه السيجارة .. ولكن هذا الشيطان زاد من خبثها وملأها بمخدر الحشيش قائلا : ياعم اشرب دي مجرد سيجارة ولن تضر ! .. هكذا دائما الشيطان .. يبدأ معك بأيسر الخطوات .. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }النور21 .. ورضخت له غير مبالي بما حدث لولدي من قبل .. تبدلت حياتي من التفوق إلى الخسران والرسوب .. ومن الأمل والحب إلى اليأس والكراهية .. أصبحت يدي غير قادرة على الإمساك بالقلم والكتاب .. ولا تجيد إلا الإمساك بسيجارة الحشيش الخبيثة .. أصبحت أنفاسي متقطعة .. أجد صعوبة شديدة في التقاطها .. وأصبح الوجه النضر الشاب تعلوه صفرة قبيحة .. والعيون التي كانت تشع أملا وحياة أصبحت غائرة .. زائغة .. واسعة الحدقات حائرة .. متهدلة الجفون ... ولكن كيف الخلاص وأين الطريق ؟؟ ساعدني يارب .. أخرجني من هذا النفق المظلم .. أرني طريق الخير .. ها هو الطريق أضاءته لنا هذه الحملة المباركة بإذن الله .. بلادنا كلها خير .. هناك الكثير من الشباب والفتيات في نفس الطريق الآن لبدء العلاج .. يارب ثبتهم وكن معهم .. ولكن مع هذا الخير شر يطل براسه دون خجل ولا ورع في مدارسنا الثانوية وفي جامعاتنا وفي أوساط شبابنا .. وأصبحت الجامعات والمدارس الثانوية من أفضل الأماكن لترويج المخدرات بجميع أنواعها بعدما انشغلت المدارس والجامعات إدارة وأمنا بملاحقة الشباب الملتزم ومنعهم من الأنشطة الهادفة .. وتركوا الحبل على الغارب لمروجي السموم بين اوساط الشباب بطرق ممنهجة للقضاء على شباب الأمة ومستقبلها وأملها ..
إلى هنا ولم تنته قصتي معكم ... فقبل سنوات عديدة كانت أسرتي ( أبي وأمي وأخي وأختي ) تعيش في مودة وحب وأمان .. أسرة ميسورة الحال راضية بما قسمه الله لها من رزق حلال .. الأسطى حسين يعمل بجد وعرق ولم يهمل أسرته يوما ما .. أسطى من أمهر صانعي الأسطمبات في ورشة للخراطة بقاهرة المعز .. يده من الأيدي التي تلف في الحرير .. سمعته الطيبة ومهارته تسابقه أينما حل .. وهبه الله حب زملائه وحب صاحب العمل .. يصنع أدق الإسطمبات التي تضارع المستورد .. مما زاد من دخله .. كان لا يبخل على أسرته بشئ .. وكان أحرص ما يكون على أن يكمل أبنائه دراساتهم الجامعية حتى يراهم أفضل منه بعدما حصل على دبلوم المدارس الصناعية فقط .. وفي وسط هذه الصورة الجميلة لأسرة مصرية السلوك والملامح .. تجد أناس ليسوا منا غرباء عن شعب مصر الأصيل .. يكرهون الخير ويحبون الشر .. همهم تدمير الشرفاء من الناس .. تربص واحد من هذا النبت الشيطاني بالأسطى حسين ( تماما مثلما حدث معي .. ولكن كيف يتكرر هذا الموضوع معي ومع أبي ؟ هل الابن فعلا سر أبيه ؟؟ ) .. تقرب هذا الشيطان من الأسطى حسين .. تقمص وجه غير وجهه وتفوه بكلام غير ما يضمر من شر يملأ نفسه الخبيثة .. يضحك يبش .. ينصب شركه .. ولا يدري هذا الرجل الطيب ما يحاك له ودبر بليل .. فمرة يدعوه إلى العشاء وفقط .. وأخرى يدعوه إلى نزهة يوم العيد .. ودس في يده السيجارة الملعونة ( يا أسطى حسين اليوم عيد خلينا نفرح شوية وننسى الدنيا .. ولكني لا اشرب الدخان .. يا سيدي ما تبقاش حنبلي دي سيجارة ) وللأسف تحت ضغط هذا الإبليس اضطر الأسطى حسين لتدخينها .. وياليته ما فعل .. فقد كانت بداية نهاية هذا الرجل الطيب الذي لم يستطع الإفلات من خيوط الإدمان القاتل .. وجرته السيجارة الملعونة إلى أنواع أخرى من المخدرات .. ارتعشت يده وتثاقلت حركته ولم يستطع صناعة الإسطمبات بنفس الدقة السابقة .. وقل دخل الرجل .. والتهمت المخدرات معظم ماله .. وجاء يوم السقوط .. عاد الرجل إلى بيته يصارع الموت وقد زاغت عيناه .. واضطربت مقلتاه في غير اتجاه ..يتفصد العرق من كل جسده كأنه يخرج لتوه من حمام ساخن في يوم صيف حار .. يضع يده على صدره .. ويتكئ بالأخرى على ما يقابله .. استقبلته زوجته بصيحات الأم الثكلى .. ستفقده .. ستفقد الزوج والحبيب والأخ والأب .. خارت قوى الرجل ولم تحمله قدماه .. ولكنها تحاملت بقوة لم تعهدها في نفسها من قبل فحملته وارقدته على سريره .. وصرخت صرخة مكتومة .. ولكنها لم تقو على ما ترى من احتضار رفيق عمرها .. وجمعنا حولها من غرفنا صيحة آآآآآآه يا حسين .. مات الرجل وماتت معه ابتسامات وآمال وطموحات الرجل في أبنائه .. لكن الأم المكلومة أقسمت أمام جثمان صنوعمرها أن لا تترك الدفة وأن تكمل المشوار .. وقد تخرج بالفعل إخواني من الجامعة .. أما أنا فقد أقسمت أن لا أدع طريق العلاج .. ولن أكون سر أبي .. أقسمت أن أصرع شيطان الإدمان ..

هناك تعليقان (2):

ذو النون المصري يقول...

سعدت جدا بزيارتك لمدونتي و سعيد ايضا اني ازور مدونتك و اقراء فيها اول ما اقراء عن تلك الحمله المشدده للقضاء علي ادمان المخدرات لانها فعلا تعتبر من اهم اسباب الهالك في ثروتنا القوميه فالهلاك فيها للبشر و هم المورد الاهم بين ثرواتنا القوميه و للاسف الادمان يطال الشباب قبل غيرهم و هنا تبدو المشكله اكبر بكثير من غيرها
تحياتي لك

جنّي يقول...

الأخ الكريم .. ذو النون
أشكر لك زيارتك الغالية .. وأدعو الله أن يديم علينا المحبة والتواصل لله وفي الله ..
وأشكر لك تعليقك الهادف ..وفعلا أصبت الحقيقة فالشباب هم الاستثمار الحقيقي .. وحمايته يجب أن تكون قضية أمن قومي ..
كل الشكر لك وإلى اللقاء ,,,