الجمعة، يونيو 26، 2009

الساعة 12 وخمسة ....

- يا أستاذ محمود البيت اتصل وبيقولولك الجماعة قاموا بالسلامة ..
- ربنا يبشرك بالخير يا مصطفى.. اللهم لك الحمد .. هو يحيى إن شاء الله ..
- ألف مبروك وما تنساناش من المغات والسبوع ..
- من عيني يا درش..
-------------------------
- حمد لله على سلامتك يا حبيبتي ..
- الله يسلمك .. شفت يحيى ؟ شكلك بالظبط ..
- تعالى يا أحمد شوف أخوك وبوسه ..
- جميل قوي يا بابا نفسي يكبر علشان ألعب معاه ..
- إن شاء الله وها تشبعوا من بعض ..
وبعد اسبوعين .-----------------------.
- عاملة ايه النهاردة ..؟
- الحمد لله .. بس حاسة اني تعبانة قوي ..
- إن شاء الله ها تقومي بالسلامة دول شوية سخونة وها يروحوا ..
- أسبوعين من ساعة ما ولدت وانا تعبانة .. خلي بالك من يحيى ومحمود ..
- ما تقوليش كدا إن شاء الله ها تتعافي وتقومي وتربيهم وتفرحي بنجاحهم وتجوزيهم وتفرحي بولادهم كمان ..
- أمسك أيدي يا محمود واضغط عليها ..
- مالك يا حبيبتي ؟ ودمعة تترقرق بين جفنيه ..
- ما تبكيش يا محمود مش عايزة أشوف دموعك .. خليك متماسك زي ما أنت دايما علشان أحمد ..
- انت حاسة بأيه ؟
- تعبانة قوي ..
- يقف أحمد بالقرب من أخيه وينظر إلى أمه وقد انهالت دموعه على خديه ..
- محمود يمسك بيد زوجته وينظر إليها وقد تحجرت الدموع في عينيه .. وأحس أنها اللحظات الأخيرة في حياة زوجته .. وأحس بشيء غريب !! كأنما شيء يسري إلى داخله ينتقل إليه من يد زوجته .. وتسمرت نظراتها على عينيه وهي باسمة .. ونظرت إلى يحيى الساكن بجوارها كأنما يترقب اللحظة التي يتحول فيها إلى يتيم الأم .. ثم نظرت إلى أحمد .. ثم حولت نظرها إلى رفيق عمرها .. وأخذ محمود يردد الشهادتين وهي ترددهما خلفه .. وأحس محمود ببرودة يدها .. فقد فارقت الحياة .. ونزع يده وهو في حالة من الذهول ثم قبل جبينها وأغلق عينيها .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. ولكن ترى ما الذي سري إلى جسدي من زوجتي .. أهي روحها ؟ أستغفر الله العظيم .. ما هذا الهراء يا محمود لا يعلم عن الروح وإلى أين تذهب إلا الله تعالى .. لعل في ذلك سر لا يعلمه إلا الله ؟ وماذا سأفعل بالصبيين ؟ وأحدهما رضيع والآخر لم يكمل عامه الثامن بعد ؟ ولكني الآن أحس بحب شديد لهما لم أعهده من قبل .. لعل هذا هو السر !! سأكرس كل حياتي لهما ..
------------------------
- السلام عليكم يا أبو يحيى ..
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. إيه يا أحمد انت ها تقولي أبو يحيى زي الناس ؟ .. قولي يا أبو احمد .. أنت ابني الكبير ..
- بس يا حاج انت بتحب يحيى اكتر .. وكل الناس عارفة كدا ..
- حبكم يا ابني وغلاوتكم عندي زي بعض .. أنا حرمت نفسي من متع الحياة بعد وفاة والدتك علشانك انت وأخوك ..
دي كانت وصية والدتكم وهي بتموت .. وانت والحمد لله اتخرجت واشتغلت وأخوك في الجامعة .. وبعدين يحيى اتحرم من أمه من يوم ما اتولد علشان كدا اهتميت بيه شوية .. وأنا اللي فاضل من عمري مش زي اللي راح يا أحمد ومش ها يكون لكم حد في الدنيا غير بعضكم .. خلي بالك من أخوك دايما يا أحمد ..
- ربنا يديك الصحة وطولت العمر يا حاج .. قمت ليه يا حاج ؟ كنت عايزك في موضوع ها تفرح له قوي ..
- ماشي بعد ما نرجع من صلاة العصر .. نادي على يحيى علشان يصلي معانا..
- حاضر يا حاج .. يحيى .. يحيى .. يلا علشان صلاة العصر ..
------------------------
- كنت عاوز ايه يا احمد ؟
- ها اخلي يحيى يعمل لنا كوبايتين شاي الاول علشان الكلام يحلو ..
- سيب اخوك يذاكر انا اللي ها اعمل الشاي بنفسي ..
- ما تخافش عليه قوي كدا يا عم الحاج .. أنا نويت أخطب يا حاج ..
- على بركة الله .. ومين هي العروسة يا أبو حميد ؟
- نوجة بنت جارنا عم علي اللي ساكنين في أول الشارع ..
- على الرقاق واللي أمها بتشتغل في الافراح ؟
- أيوه يا حاج .. بس البنت كويسة ومؤدبة وفي حالها .. وبعدين والدتها بتقدم فن برضو ..
- فن !! اللحم الرخيص العريان بقى فن ؟ الله يسامحك !! والبنت كمان ماشية على راحتها .. وها نحط ادينا في ايد مين يا ابني ونقرا معاه الفاتحة ؟ مع أبوها الرقاق المخمور دايما ؟ ولا مع امها العالمة ؟
- يا حاج انا بحب البنت ومش ناوي أتجوز غيرها ..
- يا ابني زمان قالوا الولد سر أبيه .. والنبي صلى الله عليه وسلم قال تخيروا لنطفكم إن العرق دساس .. دول مش من توبنا يا احمد .. بنات الناس المحترمين كتير يا ابني ..
- أنا بحب البنت يا حاج وهي بتحبني ..
- أنا نصحتك يا احمد وأنت مش صغير .. اعمل اللي انت عايزه .. بس لازم تعرف ان أنا مش راضي عن الجوازة دي .. ولو امك الله يرحمها كانت عايشة ما كانتش رضيت عنها ..
- بلاش يا احمد .. اسمع كلام ابوك .. غيرها كتير ..
- حتى انت يا يحيى .. ليه مش عايزني اتجوز اللي اختارها قلبي ..
- احنا خايفين عليك يا احمد ..
----------------------
- يا حاج ما تزعلش نفسك .. انت ابتديت تكح تاني بشدة .. اللي بيشيل قربة مخرومة بتخر على ظهره ..
- ازاي يا يحيى دا مش على ظهره لوحده دا على ظهرنا كلنا .. انا حاسس ان البنت دي ها تكون شؤم عليه وعلينا كلنا ..
- يسعل محمود بشدة فيرتجف للسعال كل جسده .. فيحتضنه يحيى مشفقا عليه وتخرج بعض الدماء من فم والده وتصيب ملابسه ..
- بسرعة يا حاج لازم نروح للدكتور حالا ..
- ما فيش داعي يا يحيى انا عارف اللي عندي .. انا رحت للدكتور وعملت تحاليل واشاعات وما كنتش عايزكم تعرفوا .. وقالي اني بقضيها ايام .. والبركة فيكم يا ابني ..
- بعد الشر عنك يا حاج ..
- خد بالك من مذاكرتك ومن اخوك احمد ..
- انت جيت يا احمد .. الحاج تعبان ادخل شوفه وبوس ايده ..
- سلامتك يا ابو يحيى .. ما تزعلش مني يا حاج .. يا حاج .. يا حاج .. يحيى .. يحيى .. ابوك مات .. مات ..
-------------------------

- وأصر أحمد على الزواج من ابنة العالمة .. وحضرت نوجة للعيش في بيت العائلة والذي يضم زوجها وأخوه يحيى .. وكان يحيى يتلاشاها ويحرص على عدم البقاء في البيت عندما يكون احمد خارج البيت .. حتى في وجود أخيه كان يعزل نفسه في غرفته حتى لا يراها في ملابسها الشفافة ولا يسمع ضحكاتها الرنانة وكلمات الغزل المفضوح لزوجها .. فالحياء كان يجافيها فمن أين يأتيها الحياء وقد افتقدته في تربيتها .. وتحولت عزلة يحيى في غرفته إلى أعراض غريبة لاحظها كل من يعرفه من زملائه في الكلية حتى جيرانه في الشارع .. فقد كانت الابتسامة لا تفارق وجهه الصبوح .. ولا يمر على أحد حتى يلقي عليه السلام .. ويداعب من يقابله من أطفال الشارع .. كل ذلك زال عنه وتبدل إلى عزلة وتصرفات غريبة .. فيسير في الشارع دون أن يلتفت لأحد بل أصبح يخاف من الناس وينظر إليهم بريبة .. وأخذ يهمل في نظافته الشخصية فأصبح ثائر الشعر متسخ الملابس .. وأهمل دروسه وكليته .. وكان يتحدث مع نفسه بصوت عال كأنما يحادث شخصا بجانبه ويتحاور معه منفردا أو حتى في وجود الناس .. ويخبرك أنه يحادث فلان ويحكي لك ماذا قال له .. إذا نظرت إليه يضحك كأنما يضحك لك ولكنه ما يلبث أن يستمر ضحكه حتى بعد أن تفارقه كأنما هناك شخص ثالث معكم يضحك له .. وكان كثير الشكوى من زملائه في الكلية ومن أخوه وزوجته فهم يتآمرون عليه أو يكرهونه ويكيدون له المكائد .. وفي الكلية كان يجلس في آخر مقعد بعدما اعتزل كل أصدقائه ويخافهم أيضا لريبته منهم .. وكان شديد الاعتقاد بذلك .. وفقد شهيته وقل طعامه ونحف جسده .. وكان يسير مسافات طويلة سائرا في شوارع بلدته دون أن يستريح بملابسه القذرة وشعره الثائر الأشعث .. وفجأة يقف ويظل واقفا أو يسير للخلف خطوات ثم يعاود سيره المستمر محادثا نفسه ومشيرا لمن يتوهمه بجواره .. وإذا حادثته يصعب عليك فهم كلامه أو تسمع منه كلام غير مترابط وغير منطقي .. أصيب ببرود عاطفي بعدما كان مرهف الحس شديد العاطفة حيث لا يتفاعل مع الأحداث من حوله ويضحك في مواقف محزنه أو يبكي في أوقات مفرحة .. ولكنه كان شديد الحرص على ارتداء ساعته !! .. وتذكر أحمد وصية والده ومن قبل وصية والدته .. وظن أن حالة يحيى عارضة وستزول .. ولكن حالته كانت تسوء مع مرور الأيام .. كيف تحول يحيى بهي الطلعة جميل المعشر من زهرة متفتحة إلى هذه الصورة البشعة .. وما السبب ؟ هل السبب فقده لوالديه وإحساسه بالوحدة بعدما تزوج شقيقه ؟ أم أن هناك سببا لا يعلمه إلا الله ويحيى ومن تسبب له في ذلك ؟ .. أشار البعض أن به مس شيطاني أو جان يتلبسه .. لا يمكن فيحيى إنسان مؤمن ومصلي .. وأخذه شقيقه لطبيب نفسي وحكى أحمد للطبيب عن الأعراض التي تحدث له ..

----------------------

- كويس انكم أتيتم في الوقت المناسب ..

- خير يا دكتور يحيى ماله .. ؟

- يحيى تعرض لصدمة نفسية شديدة أدت لحالة اكتئاب وبإهمالها تحولت لحالة فصام عصابي ..

- والسبب يا دكتور ؟

- محتاج عدة جلسات معاه علشان أعرف .. وها اكتب له علاج يجب أن تساعده في تناوله بانتظام .. وربنا الشافي .. - في أمل يا دكتور ؟

- إن شاء الله .. الأمل دايما موجود .. اتركني مع يحيى شوية ..

- ازيك يا سي يحيى ؟

- كويس ..

- النهاردة ايه يا يحيى ؟

- السبت ..

- ساعتك جميلة .. هي الساعة كام دلوقتي ؟

- دي ساعة والدي والساعة 12 وخمسة ..

- ولكن الساعة الثامنة والربع .. ممكن أشوفها يا يحيى ؟

- اتفضل ..

- وكانت المفاجأة أن الساعة متوقفة على 12 وخمسة ..

- الساعة واقفة يا يحيى أنا ها اضبطها لك .. الساعة دلوقتي 8 وربع ..

- وفي الجلسة الثانية سأله الدكتور عن الساعة أيضا فقال يحيى 12 وخمسة .. وطلبها الدكتور منه فوجد الساعة متوقفة على 12 وخمسة أيضا .. وضبطها له دون أن يدري يحيى وأعطاها له .. وفي الجلسة الثالثة لاحظ الطبيب نفس الشيء .. لا زالت ساعة يحيى متوقفة على 12 وخمسة .. هنا أيقن الطبيب أن هناك علاقة وطيدة بين حالة الفصام التي أصابت يحيى وتوقف الساعة عند وقت معين .. ولكن من الذي سيجلو السر ويبين الحقيقة ؟ لا أحد إلا يحيى نفسه .. وبدأ الطبيب في استرجاع معلومات يحيى وذكرياته المخزنة في عقله الباطن مركزا على ذكرياته مع والده فالساعة كانت لوالده الذي فقده وأحس بعدها باليتم الحقيقي .. ولكن حكايات يحيى سارت في اتجاه آخر عكس ما أراد الطبيب .. وأخذت حكايات يحيى تتحدث عن شقيقه أحمد وزوجته ..

- وقال يحيى للطبيب : أنا لا أحب زوجة أخي وكان والدي لا يحبها ولم يوافق على زواج أخي منها ومات متحسرا بسبب إصراره على الزواج منها فقد كانت سيئة الأخلاق .. تبدي من جسدها أكثر ما تخفيه ولا تتورع خجلا مني بضحكاتها المثيرة وحركاتها اللعوب .. لذا كنت أتجنبها وأغادر المنزل كلما غادره أخي .. ولكن ذات ليلة دخلت إلى غرفتي وكنت مرهقا وتعب جدا فغلبني النوم .. واستيقظت عليها وهي بجواري وتتحسس جسدي – وهنا انتفض يحيى وجلس بعدما كان راقدا واضعا يده بين فخذيه مطأطأ الرأس يرتعد بقوة ويقول : هي السبب .. هي السبب .. أنا ما ليش ذنب .. فهدأ الطبيب من روعه وطلب منه الاستمرار في الكلام .. لقد تزينت الشيطانة اللعوب وارتدت زى العاهرات وانقضت عليه بمخالبها وواقعته مرغما .. وبعدها ترك البيت وارتدى ساعته ونظر ليعرف الساعة .. وكانت 12 وخمسة .. وخرج هائما على وجه يسير بلا كلل ولا ملل حتى أضناه السير فعاد للبيت لينام .. وكلما استغرق في النوم انتفض مفزوعا ولا يدري السبب .. وهنا أدرك الطبيب السبب في حالة الفصام العصابي التي أصابت يحيى .. وتأكد الطبيب من شفائه ولكن لابد من عدة جلسات أخرى حتى يعود يحيى كما كان بحالته الذهانية السوية .. وبقدر فرحة أحمد لشفاء شقيقه يحيى كان غضبه من زوجته الشيطانة اللعوب بعدما أخبره الطبيب .. تذكر أحمد والده وترحم عليه وقرر طلاق الشيطانة اللعوب .. وتعافى يحيى تماما من المرض .. وتزوج أحمد بأخرى ذات أصل طيب ومن أسرة كريمة تعرف الله حسن المعرفة ..

جدة في 3 رجب 1430 هـ - 26 يونية 2009 ( القصة من تأليفي والحالة المرضية من إحدى محاضرات الصحة النفسية للدكتور صلاح مخيمر - رحمه الله - في كلية التربية جامعة عين شمس )

الثلاثاء، يونيو 23، 2009

فرحة اللقاء ....

وحشتوني ووحشتني مدوناتكم كما وحشتني مدونتي .. وأحمد الله تعالى أنه قد منّ عليّ بهذه الأخوة والود والاحترام وهذا ما وجدته من أخواتي وإخوتي خلال فترة توقفي والتي قاربت الشهر .. وكل الشكر والود لمن سأل وأراد الاطمئنان سواء بالتعليق في المدونة أو من خلال الميل .. إلا أني قد افتقدت البعض خلال هذه الغيبة فلم أجدهم بين من سألوا عني مما أحزنني !! وشكر خاص لمن كرروا السؤال وأرسلوا لي عن طريق الميل .. والحمد لله فأنا بخير حال والصحة بفضل الله تمام اللهم إلا بعض آلام الظهر التي ما تلبث أن تعاودني .. ولم أتعرض لأي سوء .. فقط أردت أن ألملم شتات نفسي خلال هذه الفترة .. وبقدر حزني على فراقكم هذه الفترة بقدر فرحة لقائنا بعد غياب .. وأسأل الله تعالى أن يجمعنا أخوانا على سرر متقابلين في جنة رب العالمين .. { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } الحجر47
رسالة جانبية ...
إلى الحقير القذر المنحط ساركوزي .. اللي بيته من زجاج لا يرمي الشرفاء بالطوب .. فكيف لزان مثلك يعيش مع صديقته بدون زواج ( عام كامل قبل إعلان زواجه بكارلا وتشهد عليهم مصر وألأردن ) يتحدث عن النقاب بهذا الأسلوب الحيواني المنحط .. فهل أمرتك مسيحيتك وانجيلك المحرف بالزنا والعيش بانحطاط مع عاهرة .. وأقول لك المثل المصري : إن خرج العيب من أهل العيب ما يبقاش عيب ..
ولكل أخت طاهرة منقبة أهديكي قول الله تعالى :
{ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } آل عمران186