كانت تجذبه رائحة المطر كعطر منعش .. تجعله يترك كل شيء ليتفرغ لأمتع لحظة من لحظات حياته .. لحظة سقوط المطر .. فقد كانت قطرات المطر تمثل له روح جديدة تسري في كل كيانه .. كان ينتظرها بشوق كمعشوقة جميلة تملأ كل خياله وتملك كل وجدانه .. معها يتيه كحبيبين جمعهما جسد واحد .. معها يفقد الزمان والمكان وتأخذه خيالاته لعالم غير متناهي .. حينما تتساقط على وجهه يكتسب نشوة غريبة يطرب لها ويتراقص .. وترسم على وجهه لوحة من الجمان يحرص على ألا يبعدها.. يسير بخفة ورشاقة على رصيف الشارع أمام منزله كراقص الباليه .. بينما يختبئ الآخرون خوفا من حبات المطر .. لكنه ينظر إليها بحب وشغف .. ويجمعها بين يديه الحانيتين بكل حب وود حتى إذا امتلأت راحتيه نثر حبات المطر فتنفرج أساريره وتعلو ضحكاته .. كيف وصل به الحال لكل هذا الوجد والهيام بقطرات صغيرة سرعان ما تتلاشى أمام ناظريه ؟ أهو الحنين لطبيعته أم هي حالة انسجام بينه وبين بداية خلقه ؟.. وهل يتبدل هذا الحب في يوم ما ؟ هل يتلاشى هذا الحب الافتراضي فيما بعد ؟ .. وهل تركت حبيبات المطر في قلبه الغض الصغير مكانا لحب آخرين ؟.. وكانت صبية ترقبه من خلال شرفة منزلها وتتعجب لحالة النشوة التي يغرق فيها جارها الصبي بينما تختبئ هي خشية البلل بماء المطر .. ولكن لعل في الأمر سر ؟ فلماذا لا أخوض أنا الأخرى التجربة .. نظر الصبي للرصيف الآخر ووجدها ترنو إليه باسمة وغير عابئة بماء المطر الذي يتسلل إليها خلال أوراق البوانسيانا الخضراء الصغيرة المتساقطة مع ماء المطر والتي احتمت تحت شجرتها .. وابتسم لها وقام بجمع القطرات المتساقطة بين راحتيه ثم نثرها ناحيتها .. فقامت هي الأخرى بنفس العمل .. وشعرت بقشعريرة ..قشعريرة تسري في كيانها كأنفاس الصباح لم تنتج من البرد بل من إحساس عميق غريب لم تحسه من قبل سببه ماء المطر .. توقف سقوط المطر وتسللت أشعة الشمس من خلال أفرع شجرة البوانسيانا وأحست بالدفء .. ولكنه قطب جبينه وعقد حاجبيه .. فنظرت إليه مشيرة له أي غدا سأحضر لو نزل القطر .. فتبسم وأومأ إليها بالإيجاب .. واختفى كل منهما بين ردهات منزله حتى توارى كل منهم عن الأنظار .. ولم تره لعدة أيام فلم ينزل المطر بعد .. ولكن ها هي سيارتهم .. ولكن ماذا يحدث ولم يحملون حقائب السفر فوق السيارة ؟ لقد رحل الصبي مع أسرته دون أن تعرف وجهته .. وظلت الصبية الصغيرة تجري لشرفة منزلها كلما تساقط المطر .. وارتبط هذا السلوك بسقوط المطر لسنوات عديدة .. وكانت تكتفي بجمع قطرات المطر بين راحتيها الصغيرتين الرقيقتين من شرفتها وتنثرها وهي باسمة .. وها هو يقف رافعا يديه يلتقط بهما حبات المطر وينثرها ضاحكا مبتسما كعادته .. وفجأة تختفي صورته وتتبدل بقوس قزح .. ولم تفقد يوما الأمل في رؤية جامع المطر .. وها هو شتاء يعود بعد شتاء بعد شتاء .. وتجري الفتاة لشرفة منزلها تجمع قطرات المطر وتقوم بنثرها .. وإذ بها ترى رجل لا تعرفه - ولكنه يحمل نفس ملامح الصبي التي لم تستطع السنين أن تمحوها - يخرج من نفس المنزل الذي دخله الصبي منذ سنوات عديدة ، ويتوجه الرجل للرصيف تتعلق بيده طفلة صغيرة يسيران تحت المطر .. تترك الطفلة يده وتجري باسمة ضاحكة وهي تجمع قطرات المطر وتنثرها ناحية والدها قائلة : أنظر أبي .. فترقرقت من عينيها دمعات اختلطت بماء المطر ولم تدر أيها الدافئة وأيها الباردة .. أيها الحلوة وأيها المالحة ؟ واختفى الرجل والطفلة الصغيرة وتبدلا حقيقة إلى قوس قزح ..
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك 48 تعليقًا:
الله الله على رقة التعبير و كم الأحاسيس الجميلة ...صباح الخير سيدي
ربي يبارك فيك زي ما جعلت يومي مشرق بهذة القصة ....حضرتك أنا كنت كتبت قصة اسمها مي والمطر ..أحب إنك تقرأها لتعلم حبي للمطر كجامعه هذا :
http://qssassy.blogspot.com/2009/05/blog-post.html
تحياتي
صديقى الجميل
السلام عليكم
مفردات لغوية بديعة
كم أنت مبدع يا صديقى
فترقرقت من عينيها دمعات
اختلطت بماء المطر ولم تدرد
أيها الدافئة وأيها الباردة
خالص تقديرى
الله الله يا جني ما أجمل قصتك التي رسمتها بكلماتك
لقد دبت القشعريرة في بدني أنا من روعة الاحساس فيها وبها
تسلم ايدك بجد رائعة
الاسلوب جميل
وتعليقى بأنها تعلقت بالوهم
السلام عليكم
حلوة قوي
الأماني
وخاصة لو اللي شاركنا الأماني علمنا شيء عن نفسنا مكناش نعرفه قبل لقاءه
لا تعرف ترجع لحالة الجهل الأولى
ولا تعرف تشيل من نفسك الأماني
ولا تنسى المعلم اللي صاحب التجربة الفريدة
فعلا خدتني
اسلوب رائع ما شاء الله عليك
استاذى العزيز
لا اجد ما اقولة سوى الله ينور عليك ..واية العظمة دة .. اسلوب جميل .. عبارات وجمل تشعرك بانها تنبض بالحياة وليست مجرد كلمات
يا ترى مخبى اية كمان فى مغرتك ياااااا...فول يااااا شعير ياااا
يا استاذى العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ازيك يا فندم أخبارك ايه
قد ايه حضرتك رائع وجميل أووووووووى
الاحساس وصلى بسهوله وتخليت نفسى لانى من عشاق المطر اووووووووووى
حسيت نفسى إنى الطفله اللى بتتكلم عنها
روووووووووووعه بجد
بحيك من كل قلبى
دمت ودام اسمك وقلبك وقلمك الاروع
مودتى
كلمات من نور
وأسعد الله صباحك سيدتي
جزاكي الله خيرا على تعليقك ورأيك في القصة ..
قرأت قصتك ولكنها تفوق قصتي جمالا وروعة ..
تحيتي
عمرو جويلي
مرحبا اخونا عمر
اشكرك على تعليقك وكلماتك المحفزة لي..
جزاكم الله خيرا
تحيتي
امل حمدي
اعتز بشهادتك التي اسعدتني ..
وخاصة انها من متخصصة في اللغة العربية ..
اخجلتم تواضعنا
تحيتي
موناليزا
اشكرك على رأيك اختنا الطيبة ..
وجزاكي الله خيرا
ستيتة حسب الله الحمش
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أشكرك يا دكتورة على رأيك الذي أسعدني والمحفز لي ..
أما تحليلك فلنظرتك الراقية للاشياء ..
تحيتي
صباح الخير
اهلا ياعمنا ..
اشكرك على كلماتك الطيبة..
اضحك الله سنك .. المغارة بها الكثير وما عليك سوى الذهاب للارشيف واقول افتح يا سمسم ..
ولا ادعك الفانوس ها يظهر لك جنّي وهو تحت امرك ..
تحيتي
ابتسامة ملاك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله انا بخير ..
اهلا بيكي يا اخت ايناس واشكرك على كلماتك الرقيقة ..
تحيتي
رقيقة وحزينة
أحييك على دفء مشاعرك
الله
رقيقة قوى يا جنى
عارف الأرق
فكرة جمع المطر و نثره دى
و تسمية جماع المطر نفسها اكثر من رائعة
زمان و انا صغيرة كنت من جامعيه برضو
و كنت بروح لماما غرقانة و اقطر ماء اً من البالطول للشنطة لشعرى لكل حتة فيا و اخد زعقتين منها عشان بليت الدنيا كدا
لما كانت بتمطر علينا انا و يوسف كنت بسيبه يمد ايده من تحت الشمسية عشان يسلم ع المطرة و يقولها اهلااااا
دلوقتى اختك فاتيما بستخبى من المطرة عشان المكياج هيسيح و هبقى عاملة زى شريرات افلام الكارتون كدا تقريباً
قلبى انكسرلها لما شوفته جاى و معاه بنوته الصغيرة
معرفش ليه حسيت بحزن
قصصك رقيقة فى صياغتها جدا يا سعيد
بس الأرق
فكرتها
و سير احداثها
و نهاياتها المحزنة دايما
تسلم ايدك بجد
حلوه اوى القصه يسلم اسلوبك اخى الكريم
جمييييييييييييله جدا ورائعه وتحوى كم هائل من المشاعر والاحاسيس والمعانى التى استفزتها كلماتك بداخلى ....فاحيانا تكشف لنا الكلمات عن احاسيس كانت تائهه بداخلنا وبعدت بيينا وبينها الايام ...ولكن حبات المطر كثيرا ما تعيدنا لفطرتنا والى النقاء الجميل والخيال الراقى البديع ....تعيدنا الى ذكريات الطفوله ورومانسيه الشباب والى بروده الشتاء ودفء الاحساس الذى يصاحب هذه البروده .
اعشق المطر مثل هذا الصبى وهو بطل من ابطال خيالى وذكرياتى ....
تحياتى لك على البوست الذى كان له جميل الاثر على نفسى عندما قراته.
سلام عليكم
الله يسعد ايامك اخي سعيد معذرة العتب على النظر
دمت بخير شرفني مرورك الطيب
لاحرمني الله تواصلك العطر
لحظة بسيطة
كانت لها ذكرى
جميلة وزاداً لها
على مر الأيــام
رقيقة المشاعر
والاحاسيس
هنا.
انت ممكن تضع اعلانات على مدونتك وتربح منها الاموال كما انا افعل فى مدونتى ادخل مدونتى وسوف ترى الاعلانات ممكن انت كمان تضع اعلانات وتربح اموال http://international-e-commerce-e-commerce.blogspot.com/
وهذا اللينك اربح الاموال ووضع عداد عالمى فى مدونتك
http://friendfinder.com/go/g1214733
ولما تعمل اعلانات تخش على مدونتى وتضغط على الاعلانات واربح الاموال وانا ادخل على مدونتك واضغط على الاعلانات وتربح الاموال
مساء الخير
لغة متميزة وسرد منساب
رائع
سعدت بالتعرف الى مدمنتك
انا مدون سودانى
اتمنى نكون اصدقاء
مودتى
اخي الجميل جني
ماهذا الابداع لقد جعلتني احس احساسا قويا بهذا العاشق "جامع المطر" وقد ابدعت في الصياغة والتصوير والعرض وقد احسست بقطرات المطر بهذا الااسلوب الشاعري المتميز ينسرب في المشاعر عند القراءه وتلتذ به النفس انها اقصوصة شعرية شاعرية حوت جميع مواصفات القصة القصيرة وقد وجدت جمال متميز في الجملة الختامية المؤثرة
"فترقرقت من عينيها دمعات اختلطت بماء المطر ولم تدر أيها الدافئة وأيها الباردة .. أيها الحلوة وأيها المالحة ؟ واختفى الرجل والطفلة الصغيرة وتبدلا حقيقة إلى قوس قزح .."
شكرا لك
تحياتي وسلام ولا سلام مع بني صهيون
رقيقة
حالمة
نقية
برئة كقصص الحب اللى فى الاحلام
رومانسية برشاقة
كلاسيكية
وانا بحب القصص الكلاسيكية
بجد سلمت اناملك
حلوه اوي بجد منتهى الرقه الخيال فيها عالي والاحاسيس و بتحسسنا ان المطر دافي ما شاء الله ربنا يوفقك
Hoda
اشكرك على مرورك وتعليقك الرقيق ..
حاولت الدخول لمدونتك ولكنه غير متاح
نحيتي
فاتيما
اشكرك كل الشكر على تعليقك الرقيق الذي اسعدني جدا
ويحفزني لكتابة المزيد
اخجلتم تواضعنا ..
اسعد الله قلبك بيوسف
قريب ان شاء الله
تحيتي
طوبه فضه وطوبه دهب
شرفنا بزيارتك وتعليقك ورأيك في التدوينة اسعدني
اشكرك وتحيتي
ابو علي
مالله مش عارف اقولك ايه واشكرك ازاي ..
تعليقك سبب لي حالة من السعادة كجامع المطر بالضبط ..
اشكرك واخجلتم تواضعنا ..
تحيتي
حـــــ الــجــنــة ـــــور
ويسعد ايامك اختنا الطيبة
ولا يهمك والشرف لي بالطبع
تحيتي
norahaty
مرحبا يا دكتورة
اشكر زوق حضرتك وتعليقك الممتع
المدونة نورت
تحيتي
E-commerce
اشكرك على دعوتك
وان شاء الله نزورك
تحيتي
osama
مرحبا يا زول
اهلا بيك وشرفنا بمرورك وزيارتك
واشكرك على تعليقك
وان شاء الله ازورك
بيرم المصري
اشكرك على زيارتك وتعليقك الذي اسعدني وخاصة انه من شاعر كبير مثلك ..
تحيتي
نهر الحب
اهلا يا ايناس
اشكرك على تعليقك الراقي
وكلماتك التي اسعدتني جدا
جزاكي الله خيرا
غير معرف ..
اهلا يا هبة
اشكرك على زيارتك ومرورك ..
اما كلماتك الرقيقة ورأيك في القصة فله اكبر الاثر عندي ..
ياريت تكرري الزيارة
أسلوب رائع جدا وحالمة ورومانسية قوووووووووووووووى
ياسلام على الرقة والجمال
قصة بجد رائعة والمشاعر اثناء سقوط المطر لا توصف
بس ايه شجرة البوانسيانا دي :)
طبعا قراتها
واستمتعت بقطرات المطر
ودمعت عينى لدمعها
وتوقفت امام جملة طويلا
كيف وصل به الحال لكل هذا الوجد والهيام بقطرات صغيرة سرعان ما تتلاشى
واستشعرتها فى حياتنا كثيرا كيف تتعلق قلوبنا بافراد او جماد
نعلم تمام بفقدانهم
والفقدان يزيدنا
لوعة
وحرقة
وتشبثا
وحنينا
الثلج هذا العام كان ادعى ان نجمعه
ولكن قصرت ايدينا
كما قصرت انفاسنا
ايها الجنى
حالة شعورية انتابتنى طوال قرائتها
ومنذ ان وضعتها تذكرت بكتابتك هذة
الفارس الملثم رحمه الله
ملحوظة
انا هنا من الفايرفوكس
:)
دعواتك دوما
بسم الله الرحمن الريحم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أملك كلمات تستطيع وصف روعة ما قرأت
فها هي رائعة من روائع القصة القصيرة تأخذني بأسلوبها الراقي وحبكتها الحانية
أهنئك على هذه الموهبة الراقية الرائعة حماك الله
bos bos بسمه عبدالباسط
اشكرك يا بوس بوس على زيارتك وتعليقك ..
تحيتي
عالم حبيب
مرحبا بعريسنا الجميل حبيب
اشكر تعليقك الرقيق..
اما شجرة البوانسيانا فه شجرة متساقطة الاوراق في الخريف ولعا اوراق ريشية مركبة من وريقات صغيرة .. ولها ازار حمار جميلة تكسو الشجرة من الاعلى فتبدو كانها خيمة خضراء مغطاة بمخمل احمر ..
تحيتي
شيماء سمير
مرحبا بالشيماء
اشكرك على تعليقك المميز الرقيق والذي يزيد حماسنا للكتابة ..
رحم الله اخونا محمد ..
وفقك الله الى ما يحبه ويرضاه
تحيتي
E73
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اشكرك على زيارتك وتعليقك الجميل ..
وشرفنا بزيارتك للمدونة
تحيتي
السلام عليكم
ما شاء الله علي الأسلوب الرائع ورقة المشاعر.
قصة طفولية تعبر عن رقة أحاسيس صاحبها
زادك الله ابداعا فوق ابداع
فاتنى كتير للأسف
بعض المفردات هنا..ك لوحة الجُمان وشجرة البوانسيانا..قوس قُزح أضفت على القصة رقة متناهية حتى انها صارت تشبه حلم جميل أفاقت منه فتاة الشرفة على كابوس ..
جميلة وناعمة تحمل من المطر بهجته وقسوته أحيانا
افتقدت المدونة فعلا..وسعيدة جدا بتجولى فيها..
خااااالص تحياتى استاذ سعيد
:))
إرسال تعليق